احكى يا دنيا زاد - رايات الشوق 3

(27)
(1)
تقييم الكتاب
4.8/5
78
نبذة عن الكتاب

احكى يا دنيا زاد - رايات الشوق 3 بقلم منى سلامة ... كان يا ما كان في زمنٍ من الأزمان رأيتُ إنسانًا قلبه مشطور نصفٌ فوق السحاب محمول ونصفٌ بين الطين مغمور! الحقيقة التي ندفنها في قاع البحر لا تموت، تعيش مُلتصقة بالملح؛ ويومًا ما نضيفه بأيدينا إلى وجبتنا الأخيرة.

نبذة عن الكاتب

منى سلامة منى سلامة

من مواليد محافظة الدقهلية المصرية في 1985م..
تخرجت في كلية الطب البيطري في جامعة المنصورة عام 2008.. تشترك أعماها في الطابع الاجتماعي لكنها تتنوع بين الواقعي في بعضها والخيالي في البعض الآخر.. بدأت بنشر كتاباتها إلكترونياً وهي أربعة أعمال: قطة في عرين الأسد، ومزرعة الدموع، وجواد بلا فارس، والعشق الممنوع.. نشر لها ورقيا الأعمال التالية مع دار عصير الكتب للنشر والتوزيع: كيغار وقزم مينورا ومن وراء حجاب وثاني أكسيد الحب..

أعمال أخرى للكاتب

اقتباسات كتاب : احكى يا دنيا زاد - رايات الشوق 3

eL AmeEeRA

مزّق «منصور» البطاقة وألقى الزهور في سلة القمامة. وذات يوم وجد رسالة على هاتفه: أوشكتُ على الانتهاء من صب أساسات البيت. فانفعل غيظًا وغضبًا وحذف الرسالة ثم ألقى بهاتفه فوق مكتبه. وفي يوم عرف «بحر» أنها مريضة، فاتصل بأبيها يطمئن على حالها، وعندما نهره «منصور» قائلًا: - هل تخدعني؟ أعرف أنكَ تتحدث إليها وتعرف منها أخبارها. كظم «بحر» غضبته قائلًا: - مَن ظننتني؟ أنا رجل بدوي.. والرجل عندنا لا يتعدّى على حرمة بيت، ولا يسرق منه ما لا يحل له! وذات يوم ظهر «بحر» أمامه في أحد المطاعم، جلس أمامه دون دعوة وقال:

eL AmeEeRA

لم يحاربا على جبهة واحدة، إذ تمنعهما القواعد المقدسة من الحديث أو التلاقي، كل منهما حارَب منفردًا في جبهته. تعلّم «بحر» من الزمن أن أخذ الحق حِرفة! فلم يزل في خطأ التصرف بتهور غير محسوب عواقبه. اتصل بـ «منصور» مرات عدة، ليسأل عن حاله، أو ليحثه على التفكير مرة أخرى في رغبته في الزواج من «شفق»، وكلما لاقى من «منصور» صدًّا؛ ازداد هو حلمًا وصبرًا. في ليلة العيد استقبل «منصور» على مكتبه وردًا ورسالة، كتب «بحر» فيها: ليلة عيد وكلٌّ يهادي من يحب، لكن من أحبها يمنعني

eL AmeEeRA

«شفق» بعمق، واستجمعت شتات مخاوفها، تلقيها كاملة بين يدي صديقتها. قالت بخفوت: - أنتِ لا تعرفين كيف تكون مرارة التعلق بأمل.. ثم يُسحَب بُساطه من تحت قدميكِ.. الأمل خطير جدًّا.. أخطر المشاعر وأعنفها.. لا أريد أن أتجرع الخيبة.. لذلك أحاول الهرب.. أحاول قتله قبل أن يولَد.. هل تفهمينني؟

eL AmeEeRA

فلمّا رأت في عيني «دهب» استعدادًا للسير في هذا الطريق معًا، أدركتْ صدق مقولة الطبيب من أنها الباب الوحيد المُشرَّع على الشفاء. بعضُنا لا يشفيه الطب، إنما دواؤه الحب!

eL AmeEeRA

«أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(2). ---

eL AmeEeRA

يؤدي بشكل أو بآخر إلى الفصام إذا لم يتم علاجه مُبكرًا.. لذلك من حسن حظها أنها لم تكن قد وصلت إلى هذه الحالة الحرجة بعد.. أنا مستبشر خيرًا.. فمع العلاج النفسي السلوكي والعلاج الدوائي ستكون «دهب» أفضل حالًا.. لكن كما قلتُ يجب أن تتوحد جهود هذه الأسرة معًا.. كي تخرجوا معًا من هذه الأزمة دون خسائر نفسية أو جسدية. أمَا كان أولى أن يحدث ذلك من البداية؟ من اللحظة التي يتزوج فيها رجل وامرأة ويعقدان العزم على تكوين بيت وأسرة. أمَا كان يجب أن يكون الهدف الأول لزواج رجل وامرأة هو بناء بيت قوي يحتميان فيه وأطفالهما من مَشاق الحياة

eL AmeEeRA

وفي اللحظة التالية كانت تطير في الهواء، ظنت أن ظلام السماء سيسحبها في بطنه، لكن جاذبية الأرض كانت أشد منه قوة. وحين دوت صرخة وصوت ارتطام، التفتتْ «ثريا» و«منصور» صوب باب الشرفة المفتوح، لم يجدا أمامهما سوى السماء وظلمتها، تلاشتْ «دهب»!

eL AmeEeRA

قالت «دهب» وهي تشير إليهما: - هيا.. فلتتشاجرا الآن.. وليتّهم كل منكما الآخر أنه السبب.. ثم فليغضب أبي حين يعجز عن الرد ويذهب ليبيتْ في مكان آخر.. بينما تبقى أمي هنا تصرخ وتكسر الآنية وتضرب الطاولات.. وعندما تنتهي تذهب إلى وجهي لتصرخ وتُعنّف وتُلقي بكل همها وقهرها وعجزها فوق رأسي.. وكأنني السبب في كل الشرور التي تحدث في العالم.. لكن أوتعلمان.. لا يوجد مذنب غيركما.. وأنا قررتُ أن أكون عقابكما. تجمد والداها وكأن على رؤوسهما الطير، بينما تدنو منهما خطوة وتقول: - أنا اتبعتْ تمامًا كل صفة نعتني بها يا أبي.. مُخربة.. فاسدة.. غبية.. متمردة.. لا عقل لها.. مريضة نفسية! هل أنتَ

eL AmeEeRA

الأقدار تغير في لحظة، والحال يتبدل في غمضة عين، والقلوب تسكن أصابع الرحمن يُقلّبها كيف يشاء أما سُمِّي القلبُ قلبًا إلا لكثرة تقلّبهُ؟!

eL AmeEeRA

أسدلتِ ستاركِ على عيني، فكيف بربكِ أرى سواكِ؟ برهة وأبعد كفها، ليرى بسمة مشرقة تلوح من ثغرها، تهديه نورًا ساطعًا، تلقفها بفرحة طاغية.

جهاد محمد

إذا تعبتَ من مسح الماء المُنساب فوق الطاولة؛ حِل المشكلة من منبعها، بإفراغ الكوب الذي يفيض بحِمله.

جهاد محمد

التضحية في سبيل مَن لا يستحق مثل سكب الماء من قمة جبل؛ لا أرض خصبة لتنبت، ولا أفواه ظمأى لتُروَى

eL AmeEeRA

- ابتعد عن «شفق».. ليس لكما مستقبل معًا. بهدوء وحزم أجابها: - موافق.. سأبتعد عنها.. لكن أخبريني أولًا أين أجد مثلها؟ تحب الآخرين حتى لتكاد تنسى أنها أيضًا تستحق الحب.. تفتديهم.. تحميهم.. تبذل عمرها من أجلهم.. رقيقة جدًّا لدرجة أن نبرة قاسية تؤذيها.. وقوية جدًّا لدرجة أن تحارب الظلام وحدها.. لا تحب اللون الرمادي.. وتعرف كيف تفرق بين الأبيض والأسود.. لا تقيّم الناس بمراكزهم وأنسابهم.. بل بأفعالهم وخلقهم.. صادقة جدًّا لدرجة أنها حين تكذب يُفتضح أمرها.. ودافئة جدًّا لدرجة أن الجميع يتمنّى قُربها.. لا تعرف كيف تؤذي أو تجرح.. حتى وإن أُذِيَتْ أو جُرِحتْ.. حين يميل المرء بهمومه على كتفها تتلقّف

eL AmeEeRA

- ابتعد عن «شفق».. ليس لكما مستقبل معًا. بهدوء وحزم أجابها: - موافق.. سأبتعد عنها.. لكن أخبريني أولًا أين أجد مثلها؟ تحب الآخرين حتى لتكاد تنسى أنها أيضًا تستحق الحب.. تفتديهم.. تحميهم.. تبذل عمرها من أجلهم.. رقيقة جدًّا لدرجة أن نبرة قاسية تؤذيها.. وقوية جدًّا لدرجة أن تحارب الظلام وحدها.. لا تحب اللون الرمادي.. وتعرف كيف تفرق بين الأبيض والأسود.. لا تقيّم الناس بمراكزهم وأنسابهم.. بل بأفعالهم وخلقهم.. صادقة جدًّا لدرجة أنها حين تكذب يُفتضح أمرها.. ودافئة جدًّا لدرجة أن الجميع يتمنّى قُربها.. لا تعرف كيف تؤذي أو تجرح.. حتى وإن أُذِيَتْ أو جُرِحتْ.. حين يميل المرء بهمومه على كتفها تتلقّف

eL AmeEeRA

أدركَ في تلك اللحظة كما كان ظالمًا لنفسه، فهم أن الله ما خلق النفس ليُعذّبها، وأن لوم النفس والغرق في بحور الإحساس بالذنب لا يُقدّم نفعًا لا لنفسه ولا لمن أخطأ في حقوقهم. أدركَ أنه كان يصُد رحمات الله ويغلق الباب الذي يفتحه الله كل ليلة على مصراعيه، إذ يتنزل إلى السماء الدنيا مُناديًا: هل من تائب فأتوب عليه؟ أدركَ لحظتها أن التوبة لا تقتضي سوى إحساس بالذنب فاستغفار فعزم على عدم العودة فرد المظالم إلى أهلها، وأنه كان يُهلِك نفسه دون فائدة!