Ahmed AlSadek

5 out of 5 stars

في آن من آنات التضخم الأبدي، ووسط حشد هائل من الأكوان المتعددة، وقفت هناك كاميرا أزلية، تراقب ظهور انفجارنا العظيم... في البدء، ظهرت داخل الكادر نقطة سوداء، تحوي مستقبل كوننا بداخلها، ولكن الكون لم يحتمل فكرة أن يكون حبيس نقطة منعدمة الأبعاد والزمن، فانفجر طليقًا يشكل البذور الأولية للمادة، والحياة. كان الانفجار مدويًا، بصوت مفعم بطعم الصمت، ولون سكون، يشبه عرافة عجوزًا شمطاء، تتنبأ بأمر جلل وشيك الحدوث. حينها، تقهقرت العدسة بسرعة مخبولة، وظهرت الجسيمات الأولى وكأنها في ماراثون ملحمي، يريد أن يفترس الشاشة. اعتدلت الكاميرا بزاوية نصف دائرية خاطفة، محاولة الهرب من الانفجار خلفها، لكنها وجدت نفسها مندفعة للأمام، تشق العدم، مخلّفة من ورائها وجودًا جديدًا في كل لحظة... حتى ظهرت الأرض... بدت كنقطة زرقاء باهتة وسط محيط من الظلام، كشظية متطايرة من ألعاب النيران أطلقها أحد الأطفال في عيد الميلاد. ولما ملأت الكادر بدورانها، وتكوّرها المائل على محورها، كأنها راقصة باليه تريد أن تثبت ذاتها الليلة أمام الجمهور، ظهرت أشكال الحياة على سطحها، تتسابق في سلالم تطورية تقترب من اللانهائية، وتسعى إلى أقرب معنى يوضع بثقة بجوار لفظة الكمال في المعجم الإنساني. وفي لحظة من لحظات تطور الكائنات الحية، الباحثة عن سبل بقائها آمنة، وقف إنسان بدائي، ناظرًا إلى سماء الليل، على وجهه ذهول مطبق، إذ إنه فكر لأول مرة في السؤال الذي سيغير مجرى التاريخ... ... *مدخل الرواية