محمد رجب

ذات يومٍ مات صديقي، رأيتُ في جنازته ثلاثةً فقط من الناس، حملوا نعشه ثم دفنوه ولم يقف عند قبره أحد من الناس، لكني وقفت أنا لبضعِ ساعات، لم أبكِ علي موته، لكني بكيت علي حياته، إنه قضَى عمره مثلما قضيتُ عمري تمامًا، دون صاحب أو رفيق أو ونيس، أحببتُ الوحدة ولم أكُن أدري أنها شبحٌ ضخم يسرقني من الناس ببطء، فيكون الأصحاب والأقارب غرباء تمامًا، ليس خطأهم، بل كانت خطيئتي أنا، ثم لا تجد واحدًا يقف علي قبرك، إنِّي .. إنِّي لا أتذكّر الناسَ ربما بسبب ضعف الذاكرة، لكنهم لا يتذكّرونني لأنهم اعتقدوني من الغرباء، أو ربما أنا الذي أحببتُ أن أكون من الغرباء دائمًا.