هندسة العالم
هندسة العالم بقلم محمد عبد المنعم زهران ... في عالمِ زهران، الذي يأخذُ هندسته من الحكي، والانشغالِ بالتفاصيل المُغيَّبة في زحمةِ الحياة، نكتشف أنَّ ملامحَ المدينةِ، بمزاجها المتعب والمتقلّب، ما هي في الأخير سوى ملامح ساكنيها، في المركز والأطراف، في الشوارع، وفي العتمة التي تضيئها الكتابةُ الذكية، حين ترسمُ لنا حيواتِ شخصياتٍ يجعلُنا القاصُّ نُحبُّها ونهتمّ بها، ونعود معها إلى البيت، أو نرافقها إلى منازل الجيران، ونحو الحقول، وأكثر؛ نحلم أحلامها، ونرى كوابيسها، نشعرُ بمخاوفها، ونشمُّ روائح الشرّ حولها كما الحبّ وكلّ المشاعر الإنسانية المتناقضة. سنلتقي بفيلةٍ هائجة، وغرفة تسحبها سحابة، و"حياة بجوار الحياة"، نقرأ في بدايتها، ما يشبه البيانَ الإنساني: ... لكلِّ هذا، لا تقتلْهُ، يا ولدي! وتذكَّرْ باستمرار أن هناك قواعد للعيش، يتحتَّم علينا أن نحافظ عليها، قواعد ارتضيناها منذُ أزمنة سحيقة، ولكنها باقية أبدًا كالنهر القديم في سره الرتيب. الحياة تمضي هكذا، بإمكاننا أن نمضيَ بجوارها، فنواصل العيش أو أن نتوقَّف، فنهلك.