من تراثنا اللغوي القديم ما يسمى في العربية بالدخيل
من تراثنا اللغوي القديم ما يسمى في العربية بالدخيل بقلم طة باقر ... يسرّني أن أقدّم إلى القرّاء العرب بوجه عام والمعنيين منهم بالبحوث اللغوية والدراسات المعجمية بوجه خاص ما تجمّع لديّ في أثناء اشتغالي الطويل في النصوص المسمارية من مجموعات مهمة من المفردات اللغوية في تلك النصوص في اللغة الآكدية (البابلية والآشورية) واللغة السومرية مما نجده في العربية الآن في الاستعمالات الدارجة وفي المعجمات التي تؤصلها على أنها أعجمية أو دخيلة، وسيجد القارىء أن هذه الألفاظ على أصناف متنوعة، فبعضها مفردات تخصّ شؤون الحياة المختلفة كالمعاملات التجارية وأسماء الآلات وأدوات في الفلاحة والزراعة وأسماء طائفة مهمة من الأشجار والنباتات والأعشاب الطبية، وبعضها كلمات يكاد يقتصر استعمالها على عامية العراق. إن ما جمعته من هذه المفردات يقتصر أولاً على الشائع والمشهور منها، وثانياً تنحصر في تلك الكلمات التي دخلت إلى لغتنا العربية من تراثنا اللغوي القديم، من البابلية والآشورية والسومرية، وقد انتقلت إلى العربية إما عن طريق اللغات القديمة الأخرى كالفارسية القديمة والآرامية والعبرانية التي اقتبستها بدورها من تراثنا اللغوي القديم، فوسمتها معجماتنا العربية بأنها فارسية أو أعجمية ودخيلة، لأن لغات العراق القديم التي ينبغي تأصيلها إليها قد ماتت من الاستعمال، ولم يهتد الباحثون إلى حلّ رموزها ومعرفة نصوصها إلّا منذ منتصف القرن التاسع عشر الماضي، فانكشفت آفاق بعيدة في الدراسات اللغوية والمعجمية مما يحتّم على باحثينا اللغويين أن يعيدوا النظر في تلك التسمية الغامضة التي أطلقتها معجماتنا على طائفة كبيرة من المفردات، أي الدخيل والأعجمي، في حين أنها في واقع الأمر من قبيل: "هذه بضاعتنا ردّت إلينا".