أحمد حلمي

3 out of 5 stars

كُتب على الإنسان أن يعيش في صراع مع الخير والشر.. صراع لا يتوقف.. بل هو في معركة دائمة يحاول المرء الخيّر فيها أن يكون دائماً الرابح في معركته مع الشر.. ولكن المأساة الإنسانية لديه تبلغ ذروتها حينما يصبح عاجزاً، ومستلباً، ومحذوفاً، خارج المشاركة أو القول، أو الفعل.. ويظل فقط مراقباً لما يدور حوله وهو مكبل بأغلال، وقيود لا تحطم بدنه فحسب وإنما تسحق روحه وتجرفه إلى قاع الضعف والهوان والاستلاب.. لذا فهو يلجأ إلى الأماني الصعبة التي يرى فيها شيئاً من العزاء الكاذب، فالمرء السوي حينما يرى مثلاً ذبح الأبرياء والقتل اليومي الوحشي الشنيع الذي يقع في عالمنا يتفطر قلبه، وتتمزق روحه، ولا يمكنه إلا التوجع، والبكاء، والأنين، والأرق، وتكون أقصى غاية أمانيه أن يتحول قلبه إلى حجر صلب أصم لا يحس ولا يعي ولا يتألم.وأصعب شيء على المخلوق هو أن يكون وحيداً في بحر من الخلق..  وبعد: دماء النور الرواية التي تنتمي لأدب الفانتازيا حيث الخيال العلمي والرعب والغموض والحب والصراع بين جوانب الشرور والخيرات.. تاتي دماء النور للخوض في صراعات الحروب والسلام والخوف والأمان، حب الخير وحب الشرور ،بين الطغاة المعتدين وبين أصحاب العدل والحقوق.. في ثوب جديد من الأبداع تواصل الكاتب تطور مذهل بقلمها الغامض بوضوحه والعميق بمضمونه إلى رحلة مملكة السديم عالم متردد بين الأرض وعوالم اخرى.. هناك حيث تقع مملكة السديم يحكمها ملكات النور الذين استطعوا نشر السلام والأمان بعدما انتهكت بالحروب والدماء ، تعلو عرش المملكة اميرة النور ،وهنا تصور الكاتبة في ملكات النور اصحاب الحقوق والسلام أهل الرفق والأمان الإنسانية في اعلى درجاتها تتفوق الكاتبة على نفسها في تصور هذا المشهد بوضوح لدرجة ما كنت اتوقع ان تصل إلى تلك المستوى قط لكن تبقى ساحة الأدب والكتابة ليس حكرا لأحد. بينما في المشهد الأخر ملك الطغيان (زارا) سافك دماء ملكات النور والذي رسم داخل مملكة النور بحر الدماء بالقتل والسفك وابشع جرائم الظلم والجبروت..لكن يبقى الحق وهو يلفظ انفسه الأخيرة قويا فياتيه ما لا يحمد عاقبته بتعويذة ملكة النور فتغلق عليه بحور الدماء ليبحث عن المخرج ليصل في النهاية إلي نهاية اهل الجبروات والظلام.. هنا حيث كوكب الأرض فتاة عشرينية (سيا) بين الحقيقة والهذيان بين الصداقة والعداء بين السراب والواقعية تعيش وتظل في حضن أحن من تظنها امها ،سوار يحلق بها هو مستقبلها التي تجهله عن قرب ثم تعيشه وتغوص فيها وتتلاش الأوهام وتزداد الحقائق وضوحا وبيان..وفي هذا الجانب ابدعت الكاتبة بتصوير (سيا) فتاة الحق الذي تخاف الباطل وقوته وهي لا تدري انها اقوى منه ألا بالمعرفة ووضوح الحقيقة إلى أي شئ تنتمي وعلاقة الماضي بحاضرها... تمتاز الرواية بالأتي: أولا: اللغة العربية التي غابت عن كثير من الروايات المعاصرة.. ثانيا: بالحبكة ودقة رسم المشاهد كانك تواقعها وتلتمسها ثالثا:ابعاد الرواية التي تحاكي الواقعية في ثياب الخيال . رابعا:عندم غلق نهاية الرواية بل ربما يكون له جزء أخر وهي بالفعل تحتاج الكاتبة ان تكمل تلك العقد المتميز بجزء ثاني. خامسا: دمج الأسلوب العاطفي في احداثها،وهذا غالب على المؤلف حتى في رواياته الأخرى،وكان اسلوبه يسعرنا ان العاطفة مبناها كل شئ؛وهذا يتضح في هءه الرواية اكثر من السابقة (عش الشيطان). سادسا:اختيار العنواين الاكثر دقة وآثارة وتناسب مع الفحوى. ما يعيب الرواية: الحشو والتفصيل الزائد، لكن في الحقيقة كان قليلا جدا بخلاف الرواية السابقة. كذلك بعض الأحداث المتوقعة لدي،لكن الحق أن اغلب الأحداث من الصعب توقعها،فرغم أني مغرم بالقراءة جدا وتوقع الأحداث في الرواية هي هوايتي لكن اكثر الأحداث لم اتوقعها بخلاف ارض زيكولا فقد توقعت نصفها اما دماء النور فتقل عن النصف في التوقع. في الحقيقة تفوقت على نفسها الكاتبة ،لكن اظن عندها الكثير من الابداع ،فارجوا ان تتقبل النقد وتعمل على التطوير الدائم..والرواية تستحق بدون بخس حق ثلاثة نجوم ونصف، الا ان من باب ان الموقع لا يعطي النصف فجعلته اربع حتى لا يبخس حقها الغلاف:٥/٣*** الرواية:٥/٣.٥