م غين

حفَّار القبور في وادي ظل الحياة، المرصوف بالعظام، والجماجم، سرت وحيدًا في ليلةٍ حجبَ الضبابُ نجومها، وَخَامَرَ الهولُ سكينتها. هناك على ضفاف نهر الدماء والدموع المُنسَابِ كالحية الرَّقْطَاءِ، المتراكض كأحلام المجرمين، وقفتُ مُصْغِيًا لهمس الأشباح، مُحَدِقًا باللاشيء. ولما انتصف الليل، وقد خرجتْ مواكب الأرواح من أوكارها، سمعتُ وقع أقدام ثقيلة تقترب مني، فالتفتُ فإذا بشبح جبار مهيب منتصب أمامي، فصرخت مذعورًا «ماذا تريد مني؟». فنظر إلي بعينين مُشعشعتين كالمسارج ثم أجاب بهدوء «لا أريد شيئًا وأريد كل شيء». قلت: «دعني وشأني وسر في سبيلك». فقال مبتسمًا: «ما سبيلي سوى سبيلك؛ فأنا سائر حيث تسير، ورابضٌ حيث تربض». قلت: «جئتُ أطلب الوحدة فخلِّنِي ووحدتي». فقال: «أنا الوحدة نفسها