كافح (كيف يؤدي فعل الأمور الأكثر إزعاجاً إلى النجاح )

كافح (كيف يؤدي فعل الأمور الأكثر إزعاجاً إلى النجاح ) بقلم سكوت آميكس ... هل سبق لك أن سمعت تلك الكلمات، أو ربما فكَّرت في أنها تنطبق عليك؟ هناك قلة من الأشياء أكثر إيذاءً من اعتقادك أنك بلا قيمة؛ فقد كانت الكلمات الجارحة مجرد جزء صغير من الصعوبات التي مر بها "لاري" في مرحلة طفولته؛ حيث لم ير قط والده - الذي كان طيارًا في القوات الجوية الأمريكية - وهو ما يُمثل انتكاسة كبيرة بالنسبة إلى أي صبي، ومع ذلك عانى "لاري" أيضًا بطرق أخرى؛ فقد أصيب بالالتهاب الرئوي حين كان عمره أحد عشر شهرًا فقط، ورأت والدته أنها لن تستطيع الاعتناء به أكثر من ذلك؛ فبحثت في نهاية المطاف عن أقارب -"ليليان إليسون" و"لويس إليسون"- لتولي تربية ابنها، ولم تره مرة أخرى حتى بلغ أواخر الأربعينيات من عمره. نشأ "لاري" في الجانب الجنوبي القاسي من شيكاغو، مع والديه بالكفالة، اللذين كانا متحيزين في توجهاتهما الفكرية إلى أحد التيارات المتزمتة، في شقة ضيقة، مكونة من غرفتين فقط، وقد كان طفلًا ذكيًّا ومتمردًا، يحب لاعب البيسبول الأعسر المتفوق "ساندي كوفاكس"، وأعظم ضارب تبديل بيسبول "ميكي مانتل". وعلى الرغم من أن والدته بالكفالة كانت حنونًا ولطيفةً معه، فقد جمعته علاقة صعبة بوالده بالكفالة، وقد يرجع جزء من هذه المشكلة إلى الضغط الواقع على "لويس"، الذي فقد كل شيء في فترة الكساد الكبير، لكن أيًّا كان السبب، لم تكن تجمع "لاري" و"لويس" علاقة قوية، ولم تكن الحياة في المنزل ممتعة دائمًا. استمتع الطالب النجيب "لاري" بدراسة العلوم والرياضيات، معتمدًا على نفسه في الدراسة دون مساعدة أحد، ولكن كانت هناك بعض التحديات الأكثر صعوبة، التي واجهته في حياته، لا تزال في انتظاره؛ ففي البداية بدا أن مجهوده الشاق يؤتي ثماره؛ حيث نال "لاري"، خلال عامه الأول في جامعة إلينوي في شامبين، لقب طالب العام في مادة العلوم، وقد سلطت الجائزة الضوء على التزامه بدراسته، وفي العام الثاني من الجامعة توفيت والدته بالكفالة، وكان الأمر يصعب احتماله؛ فرسب "لاري" في اختباراته النهائية، وترك جامعة إلينوي. وأخيرًا وقف "لاري" على قدميه مرة أخرى، وواصل مسيرته، والتحق بجامعة شيكاغو، وكانت هذه بداية معرفته بالحواسيب، وقد أحب هذا المجال جدًّا، لكنه لم يطل بقاؤه في شيكاغو، وبدلًا من هذا اختار تركها والانتقال إلى كاليفورنيا للعمل في مجال الحواسيب، وقال "لاري" في مقابلة أجراها معه ممثل مؤسسة سميثسونيان لتسجيل التاريخ الشفهي: "لم أحضر قط في حياتي صفًّا في علوم الحاسب، وعلى الرغم من ذلك حصلت على وظيفة مبرمج. ولقد علَّمت نفسي ذاتيًّا إلى حد كبير، فقد قرأت كتابًا فقط في هذا المجال، وبدأت البرمجة". أدى دافع "لاري" به إلى الانتقال بين العديد من الوظائف، لكنه لم يحصل في أي منها على راتب جيد؛ فظل يعيش في شقة صغيرة مكونة من غرفة نوم واحدة عدة سنوات مع زوجته الأولى، وانتهى الزواج بالانفصال على الرغم من سعيهما إلى تلقي المشورة في مجال العلاقات الزوجية، وعاد "لاري" وحيدًا مرة أخرى، وحينها حصل على وظيفة جديدة لها علاقة بالحواسيب، وأخيرًا حقق قفزة بأن افتتح شركته الخاصة. ربما بلغت الدراسات التي أجراها "لاري" ذروتها عام ١٩٧٦، حين كان "مذهولًا" بعد قراءة "النموذج العلائقي لقواعد البيانات الكبرى المشتركة"، وهو البحث الذي أجراه "تيد كود"، الذي كان يعمل في شركة آي بي إم، وتناول النموذج العلائقي لقواعد البيانات. ولقد كانت لحظة محورية في حياته، ولاحقًا أشار إليها "لاري" قائلًا: "ثمة لحظات إلهام وتجلٍّ يمر بها المرء من حين إلى آخر"، وقد نتج عن لحظات الإلهام تلك - بالإضافة إلى دافعه الذي لا ينضب - الإقدام على مجازفة غيَّرت حياته؛ حيث قال عن ذلك: "يمكننا بالاستناد إلى هذا البحث بناء نظام تجاري، وفي الواقع إن كنا نتمتع بالذكاء الكافي، يمكننا أخذ البحث الذي أجرته شركة آي بي إم، وبناء النظام التجاري والتغلب عليها في السوق بهذه التكنولوجيا؛ لأننا نعتقد أننا يمكننا التحرك أسرع مما تستطيع هي". أتت الصعوبات التي خاضها "لاري" والمجازفات التي أقدم عليها بثمارها؛ حيث تطورت شركته متناهية الصغر، ونمت بسرعة كبيرة عن طريق إرساء قاعدة بيانات يمكن استخدامها على أي حاسوب، وعلى الرغم من أن مؤشر نجاح شركته أوراكل كان متذبذبًا، صار "لاري إليسون" الآن خامس أغنى رجل في العالم. إن قصة "إليسون" قصة ملهمة، ليس لما تضمنته، بل لما افتقرت إليه من عناصر مهمة، عادةً ما تحدد النجاح؛ كخلفية جيدة مقترنة بفرص فريدة (مثل فرصة "بيل جيتس" الاستثنائية لاستخدام الحاسوب، حين كان المجال جديدًا، وكان هو صغيرًا)، أو ١٠٠٠٠ ساعة مكرسة للممارسة (مثل عازف التشيللو البارع "يويو ما")، أو كذلك حسن الحظ (أعطِ مثالًا لهذا بنفسك)؛ إذن ما سر نجاح "لاري إليسون" حقًّا؟ وما سر نجاح أي شخص؟ قد تندهش عندما تعرف أنه شيء يمكنك الحصول عليه فورًا.