تواريخ الفقد

تواريخ الفقد بقلم احمد الفيلو ... يبدو الفقد ظاهرة تاريخية ترجع إلى تاريخ الإنسانية الأول وممتدة عبر الأزمان ، عبر عنها ومورست تجلياتها بأشكال كثيرة ، مختلفة ومتنوعة ، لكن ما يجمعها ، هو ذلك النسخ الذي يمارسه الفقد على الذات وأحيانا للمجتمع بدائرته الصغيرة أو الكبيرة التي قد تمتد إلى عرق أو شعب . وهذه التجليات التي يطرحها الفقد تبدو معنونة لفهم الإنسان المرتبط بالفناء والوجود الحدود له. وهذا الفهم بدأنا بتلمسه عند الإنسان الأول، الذي عاش وسط أساطير الفناء وعبر عنه بطقوس ومظاهر رمزية مرتبطة برغبته في فهم لغز الوجود. ولقد استمرت هذه المظاهر إلى الحاضر بتعامل البشر مع الفقد في التواريخ التي مروا بها ، صانعين أساطيرهم عن الفقود، مما يلغي أحيانا زمنهم الحاضر لزمن آخر يمتد وبخترق حياتهم جزئيا أو كليا . وعليه يبدو الفقد ظاهرة قد استمرت مع الإنسان وظهرت عبر مشاعره وانكساراته فهناك في لاوعيه شيئ غير، شيء تحول إلى عدم إنه التاريخ الذي لا يستعاد لشيء قد امتلكه أو تخيل أنه امتلكه . إن كل ذكرى نعيشها كبشر ، هي زمن مفقود أو مکان مفقود ، وأحيانا بشر مفقودون وعدم الوعي بها أحيانا ، هو ما يجعل تجلياتها تبدو غير مرئية . لذا سنحاول في هذا الكتاب تلمس ظاهرة الفقد عبر الدراما الإنسانية وامتداداتها التي لاتزال تعمل في تشكيل الوعي الإنساني عبر العصور وحتى زمننا الحاضر